ألغت المحكمة العليا الإجراء الذي يلزم العاملة الأجنبية التي أنجبت في إسرائيل بمغادرة البلاد مع رضيعها خلال 90 يومًا من موعد الولادة، لأنّه يمسّ بالحقوق الدستورية للعاملة بشكل غير معقول وغير متناسب
أشارت المحكمة إلى وجوب وضع إجراء جديد ينظّم هذه المسألة، يضمن أقل ضررا للحقوق الدستورية ويكون متناسبًا
في أعقاب الحكم القضائي، وضعت سلطة السكان والهجرة إجراء جديدًا لتنظيم السيرورة من أجل متابعة مكوث العاملة في إسرائيل وإمكانية مغادرتها للبلاد وعودتها مستقبلًا لمتابعة العمل

تفاصيل الحكم القضائي

المستوى القضائيّ:المحكمة العليا
اسم الملفّ:المحكمة العليا 11437/05
التاريخ:13.04.2011
رابط:للاطلاع على الحكم القضائي

ألغت المحكمة العليا إجراء سلطة السكان والهجرة من تاريخ 01.08.2009 والذي يُلزم العاملة الأجنبية التي تنجب في إسرائيل بمغادرة البلاد مع الطفل بعد الولادة.

  • يحدّد الإجراء أنّ العاملة الأجنبية المقيمة في إسرائيل وفقًا للقانون، الحامل في الشهر السادس فصاعدًا، ولسبب أو لآخر توقفت عن العمل لدى مشغّلها المُسَجّل، أو أنّها عملت لدى مشغّلها المسجّل حتى ولادة طفلها، تستطيع تقديم طلب للحصول على تصريح من النوع ب/2 (تصريح إقامة في إسرائيل بدون تصريح عمل)، وتعطى تصريح الإقامة هذا لمدة 90 يومًا بعد موعد الولادة. خلال هذه الفترة، يتوجب على العاملة الأجنبية مغادرة إسرائيل مع طفلها، ولكن يجوز لها العودة والدخول إلى إسرائيل بهدف العمل بدون الطفل، وذلك حتى سنتين من موعد الولادة.
  • حدّد الإجراء أنّه في حالات إنسانية استثنائية، والتي تتطلب تلبية احتياجات عينية، يُنظر في إمكانية السماح للعاملة الأجنبية بمتابعة الإقامة في إسرائيل مع رضيعها القاصر لفترة محددة إضافية بعد انقضاء فترة الـ 90 يومًا.
  • حدّدت المحكمة أنّ الإجراء يمسّ بالحقوق الدستورية للعاملة وأنّ السلطة لم تأخذ هذا المسّ بالحسبان ولم تولِه قدرًا كافيًا من الاهتمام من ضمن الاعتبارات المختلفة.
  • حدّدت المحكمة أنّه يجب إلغاء هذا الإجراء إذا كان يلزم العاملة الحاملة لتصريح الإقامة بمغادرة إسرائيل مع رضيعها خلال 90 يومًا من موعد الولادة.
  • مع ذلك، أشارت المحكمة إلى أنّه يمكن وضع إجراء جديد يحدّد مثلًا أنّ الفترة القصوى للمكوث في إسرائيل بموجب تصريح عمل العاملة التي تنجب في إسرائيل هو 63 شهرًا، وأنّه لا يمكن عامةً تمديد هذه الفترة حتى للعاملات في مجال الرعاية التمريضية. يمكن أيضًا التوضيح في إطار قرار أو إجراء بديل أنّ السماح للعاملة المنجبة بمتابعة المكوث في إسرائيل لا يمنحها هي ورضيعها حقوقًا إضافية عدا عن تلك المعطاة لها بموجب تصريح الإقامة المعطى لها. يمكن أيضًا اتباع مختلف الطرق المطلوبة لضمان مغادرة العاملة للبلاد مع رضيعها بانتهاء فترة تصريح العمل، عن طريق تقديم ضمانات مثلًا.
  • أشارت المحكمة إلى وجوب استبقاء إمكانية التوجّه الإنساني، المتاحة أمام العاملة وفقًا للإجراء الحالي، في إطار الإجراء الجديد أيضًا. في حالات استثنائية، تسمح هذه التسوية بتمديد إقامة العاملة الأجنبية التي تنجب في إسرائيل لما يزيد عن 63 شهرًا، وذلك وفقًا لظروف خاصة ومعايير محددة.
  • أوصت المحكمة بأنّه في إطار الإجراء الجديد، يجب التوضيح أنّ تمديد تصريح إقامة العامل الأجنبية في إسرائيل بعد الولادة مشروط بقدرتها الفعلية على الدمج بين واجباتها تجاه العمل وتلبية احتياجات الرعاية الأساسية لطفلها، وبتوفّر الظروف الملائمة لمثل هذا الدمج في مكان عملها. إذا استحال ذلك، يجب إعطاؤها مدة زمنية معقولة لإيجاد وظيفة أخرى تستوفي هذا الشرط.

تعليلات المحكمة

الإجراء غير منطقي ولا يوازن بين الاعتبارات المناسبة والاعتبارات غير المناسبة

  • في إطار بلورة إجراء العاملات الأجنبيات، طالبت سلطة السكان والهجرة بدعم سياسة الحكومة لتشديد الإشراف على مهاجري العمل في إسرائيل، والحرص، من جملة أمور أخرى، على اتخاذ وسائل مختلفة تمنع أو تصعّب الإقامة غير النظامية للعمال الأجانب في إسرائيل وبقاءهم فيها بدون تصريح. على هذا الخلفية، تبلور التصوّر بأنّ وجود قريب عائلة من الدرجة الأولى للعامل الأجنبي في إسرائيل يعزز من ارتباط العامل بإسرائيل حتى بعد انتهاء سريان تصريح إقامته في البلاد، ويخلق محفزًا بشريًا لبقائه في البلاد واستقراره فيها. بناءً على هذا التصوّر، تبلور الإجراء بأنّ ولادة طفل لعاملة أجنبية في إسرائيل يلزمها بمغادرة البلاد مع الطفل، مع السماح لها بالعودة مستقبلًا للعمل في إسرائيل بدون الطفل، خلال فترة زمنية محددة.
  • استخدمت هذه الاعتبارات السياساتية كخلفية لوضع الإجراء، وهي اعتبارات متعلقة بالسياسة العامة التي تبنتها إسرائيل في مجال هجرة اليد العاملة، وتتماشى مع المبدأ الذي يهدف، بجميع الوسائل الممكنة، إلى منع بقاء واستقرار العمال الأجانب في إسرائيل بشكل غير قانوني، سواء أتوا إلى إسرائيل بطرق غير قانونية أو بقوا فيها بعد انتهاء سريان تصريحهم.
  • لذلك، حددت المحكمة أنّ الاعتبارات خلف إجراء العاملات الأجنبيات هي اعتبارات مناسبة وليست عبثية، ولا يمكن القول إنّها غير موضوعية أو أنّها تستند إلى اعتبارات غريبة.
  • مع ذلك، ومع أنّ سلطة السكان والهجرة استندت إلى اعتبارات مناسبة وموضوعية ترتكز على سياسات الحكومة بخصوص العمال الأجانب، إلّا أنّها لم تأخذ بالحسبان جميع الاعتبارات المناسبة التي وَجَب أخذها بالحسبان.
    • سياسة السلطة العامة، التي تسعى لخدمة المصلحة العامة، يجب أن تولي اهتمامًا لتأثير السياسة على الفرد، وهو اعتبار مرتبط في هذه الحالة، وإذا كانت تنطوي على المسّ به- يجب التطرق إلى حجم المسّ وحدّته.
    • كان يتوجب على السلطة أيضًا الانتباه إلى حجم المسّ القيميّ والدستوري المترتب على ترحيل العاملة الأجنبية من إسرائيل، فقط لأنّها أنجبت، ومن ضمن ذلك، كان يتوجب عليه الانتباه إلى المسّ بالحق الدستوري في الوالدية، والناتج عن هذا المسّ القيميّ والدستوري.
    • الادعاء المركزي للدولة والذي بموجبه لا يُعتبر إبعاد عاملة أجنبية من إسرائيل بعد وضعها مولودًا مسًّا بحقوق الإنسان، ولهذا لا تستوجب وجود أي اعتبارات خاصة بخصوص السياسة الرسمية التي تسعى لمنع بقاء العُمال للعيش في إسرائيل، هو أمر يوازي في خطورته عدم إعطاء أي أهمية لاعتبار مركزي وجوهري معين في عملية اتخاذ القرار في السلطة.
  • حتى لو أخذت السلطة بعين الاعتبار، عند بلورة الإجراء، وجود مسّ بحق الفرد وحجم هذا المسّ الناتج عن الإجراء، ففي هذه الحالة، عند فحص التوازن بين الاعتبارات المختلفة، يبدو أنّ التوازن الملائم والمطلوب لم يتحقق.
  • بالتالي، فإنّ الإجراء لا يستوفي متطلبات المعقولية الإدارية.

المسّ بالحقوق الدستورية للعاملة

  • ينطوي إجراء العاملات الأجنبيات على مسّ عميق بالحقوق الدستورية للعاملة الأجنبية. فهو يمسّ بحقها في الوالدية و تأسيس عائلة، وبتوقعاتها الاقتصادية-التملكية، ولا يتماشي أيضًا مع مفهوم قوانين العمل الإسرائيلية بخصوص حماية حقوق العاملة الحامل أثناء الحمل وبعد الولادة، ومع حظر التمييز ضد عاملة بسبب الحمل، الولادة والوالدية في إطار الحق في المساواة في العمل، وهو مخالف لمفهوم حماية مهاجري العمل في المعاهدات الدولية.
  • مع أنّ إجراء العاملات الأجنبيات وُضع لتحقيق هدف مشروع (منع استقرار العائلة في إسرائيل)، إلا أنّ مساسه بحقوق العاملة الأجنبية غير متناسب مع الفائدة المرجوة منه. الوسيلة المعتمدة في هذا الإجراء، وهي أساسًا ترحيل العاملة الأجنبية بعد الولادة، مسيء لدرجة أنّ الفائدة التي يحقّقها من ذلك أقل بكثير من الإساءة التي يُلحقها. يمكن للدولة تحقيق الفائدة المرجوة بطريقة مختلفة، وأقل ضررَا، على سبيل المثال:
    • ضمانات مالية،
    • التبليغ بشكل دوري عن مكان تواجد العاملة الأجنبية،
    • تقييد تصريح العمل لـ 63 شهرًا، حتى لمقدمات الرعاية التمريضية،
    • عدم منح حقوق للرضيع خلال فترة مكوثه في البلاد ما دامت جزءا من الفترة حتى انتهاء التصريح، إلا لاعتبارات إنسانية خاصة.
  • من الناحية المبدئية، الدولة التي تختار ترحيل عاملة تحمل تصريحًا لأنّها أنجبت في البلاد، فقط خوفًا من أن يتعذر عليها لاحقًا ضمان مغادرة العاملة للبلاد، هي وصمة أخلاقية لمنظومة القيم الإنسانية التي تنادي بها إسرائيل. إنّ وضع اعتبارات تسهيل إنفاذ القانون والإشراف على رأس سلم القيم والأولويات، حتى على حساب الحقوق الأساسية لأية عاملة في الدخول في حمل، إنجاب طفل وتربيته، غير مقبول بتاتًا.

مدلول

  • الإجراء الذي يلزم العاملة الأجنبية التي تنجب في إسرائيل بمغادرة البلاد مع رضيعها خلال 90 يومًا لاغٍ.
  • لا مانع أن تضع الدولة إجراءً آخر يحدد معايير بقاء ومغادرة البلاد بعد الولادة، على أن يكون معقولًا ومتناسبًا.

من المهمّ أن تعرف

راجعوا كذلك

مراجع قانونية ورسمية

شكر وتقدير

  • صيغة الحكم القضائي مأخوذة عن موقع نيفو.