يعرّف الإهمال الطبي على أنه تقديم الخدمات الطبيّة بدون توخّي مقداراً معقولاً من الحذر المتوقّع من طبيب (أو كل من يعمل في مهنة طبية)، والذي كان سبباً في حدوث ضرر للمتعالِج، لم يكن ليحصل لولا تصرّف الطبيب على النحو الذي تصرّفه.

مثال
طبيب العائلة الذي استهتر بشكاوى المتعالج حول أعراض لا لبس فيها لمرض السرطان ولم يرسله للقيام بالفحوصات المطلوبة، مما أدى لتشخيص متأخر للمرض نجم عنه ضرر للمتعالج، يكون قد اقترف إهمالاً في العلاج الطبي.

هنالك عدة أنواع من الإهمال الطبي. في بعض الحالات يظهر خرق واجب الحذر من خلال القيام بإجراء طبّي عادي بإهمال. هناك حالات يكون فيها اختيار إجراء طبي معيّن هو الإهمال بذاته، وفي حالات اخرى يكون التطبيق والاختيار معقولين، ولكن لم تعطى للمتعالج كامل المعلومات التي يحتاجها لاتخاذ قرار باختيار إحدى طرق العلاج.

أمثلة لحالات إهمال

عدم القيام بالإجراءات العاديّة

تقع على الطبيب مسؤولية الإهمال إذا ما خرج عن الإجراءات المتّبعة والتي كان أي طبيب معقول سيقوم بها في الظروف ذاتها، أو أنه قام بطريقة علاج لم يكن ليستعملها أي طبيب معقول.

  • تصوير رينتجن - من الممكن أن يتم تحديد إهمال طبي بسبب توجيه المريض للتصوير، أو بسبب قراءة أو تحليل أوتفسير خاطئ للصورة.
  • عدم القيام بالفحوصات المتبعة عادة، مثل عدم توجيه المريض لفحوصات دم، أو عدم أخذ عيّنة أنسجة، إهمال عن طريق عدم توجيه المريض لفحوصات طارئة وفورية.

في حالة تم تداولها في المحكمة العليا، حددت المحكمة وجود إهمال طبيّ بسبب عدم إجراء فحص. تقرر في هذه الحالة، أن عدم القيام بفحص الCT، أدى إلى عدم اكتشاف الورم في رأس المستأنفة، وهذا بدوره يعتبر إهمالاً من قبل الطبيبة.

إهمال عند التشخيص

عند تحديد تشخيص طبي ما، يجب على الطبيب أن يتصرف بحذر معقول. في إطار أداء مهامه، يقع على عاتق الطبيب واجب التشخيص السليم للمريض الذي يعالجه استناداً الى معطيات كل حالة وحالة. في إطار هذا الواجب، لا يكفي أن يقوم الطبيب بالتوصل لاستنتاج صحيح اعتماداً الى المعطيات المتوفرة أمامه بل يجب عليه أن يبادر للتأكد من صحة المعطيات. يقع على عاتق الطبيب واجب الوصول للمعطيات الأفضل المطلوبة من أجل التشخيص، وذلك عن طريق المبادرة الى البحث والمطالبة، بما يشمل استشارة أطباء أخصّائيين، حسب ما تدعو إليه الحاجة.

  • القاعدة المعمول بها هي أن الطبيب قد يتهم بالإهمال فقط إذا كان تشخيصه غير صحيح بشكل صارخ الى درجة تدل على الإهمال.
  • لا يشكل كل خطأ في التشخيص إهمالاً طبياً. هنالك حالات يدل فيها الخطأ في التشخيص على خطأ بريء في تحكيم الرأي. وحده الخطأ غير المعقول يشكل إهمالاً.
  • غياب تسجيل أحد المعطيات الحيوية لعلاج المريض، أو عدم وجود ما يدل على أخذ هذا المعطى بعين الاعتبار في مجمل المعطيات، في حالة عدم تسجيله، يشكل أساساً للافتراض بأن التشخيص كان خاطئاً ويلقي على عاتق الطبيب أو المعالِج عبئاً ثقيلاً لنقض هذا الإفتراض.

إهمال في الموافقة الواعية

من حق المريض ألا يتلقى علاجاً طبياً بدون معرفته الواعية. للمريض الحق بالحصول على شرح حول طرق العلاج الممكنة، من أجل ان يتخذ بنفسه قراراً حول طريقة العلاج التي يريدها. في هذا السياق، قد يظهر الإهمال الطبي بعدم نقل كامل المعلومات المطلوبة للمتعالج، لكي يتمكن من اتخاذ قراره في اختيار طريقة العلاج. إن واجب الطبيب في تزويد المريض بالمعلومات المتوفرة بين يديه حول العلاجات الممنوحة له ونتائجها المتوقعة مشتقٌّ من واجب الحذر العام الواقع على الطبيب والمستشفى نحو المريض. عدم الكشف عن مخاطر العلاج وبدائله يشكّل خرقاً لواجب الحذر.

أما عن العلاقة السببية - فتقوم المحكمة بالنظر في السؤال حول ما إذا كان المريض ليرفض تلقي العلاج في حالة توفرت لديه المعلومات الكاملة عنه، ولم يكن عندها ليحصل هذا الضرر.

في أحد الأحكام القضائية للمحكمة العليا، تم تداول حالة مكثت فيها إمراة في المستشفى من أجل القيام بعمليّة في قدمها، وبعد يومين، وبينما هي تحت تأثير التخدير في غرفة العمليات، طُلب منها التوقيع على استمارة موافقة لأخذ عينة من انسجة كتفها. بعد العمليّة، أصبحت كتف المستأنفة متيبّسة وحُدّدت لها إعاقة. لم يفسر الأطباء للمريضة ما الحاجة بالقيام بأخذ تلك العيّنة، ولم يعلموها بنيتهم تأجيل العملية في قدمها. قررت المحكمة أنه لم يتم إثبات العلاقة السببية ولذلك لا يحق للمستأنفة الحصول على تعويضات بسبب الضرر الجسماني الذي ألمّ بها، ولكن المحكمة حكمت أن انتهاك حق المريض باستقلالية التعامل مع جسده، فيما يتعلق بالموافقة الواعية للعلاجات الطبية، يشكل ضرراً قابلاً للتعويض، ولهذا حكمت بالتعويض للمستأنفة.

الولادة الخطأ

دعوى إهمال طبي لطفل ولد مع عيب خلقي أو إعاقة خلقيّة ضد طبيب أو جهة ثالثة، الذي تسبب بإهماله بولادة الطفل أصلاً. يمكن أن يعتمد الادعاء على عدة حالات منها: افهمال في الاستشارة الطبية، فشل في التشخيص، إهمال في قراءة الفحوصات، عدم التوجيه لفحوصات لازمة وبهذا لم يتم تشخيص مرض الجنين أو الأم، زرع جنين ذي عيوب. مثال - أصيبت الأم بالتهاب في السائل السلوي خلال مكوثها في المستشفى. كان بالإمكان تشخيص هذا الأمر عدّة أيام قبل الولادة، ولكن بسبب إهمال الطاقم، لم تمر بالفحوصات ولم يتم اكتشاف الالتهاب. لهذا، لم تخضع لعمليّة قيصرية في الوقت. هذا الالتهاب أضر الجنين الذي ولد مع إعاقة 100%. حكم على أصحاب المستشفى بدفع كافة التعويضات.

راجعوا كذلك

مراجع قانونية ورسمية

أحكام قضائية

تشريعات وإجراءات

توسُّع ونشرات

  • أمنون كارمي، صحة وقانون (2003)
  • بيني جيل اليعيزير، أحكام الاهمال الطبي: الممارسة العملية (القانون، 2008)

شكر وتقدير